شهررمضان شهر كريم ، ورد ذكره في القرآن، وخصه الله سبحانه وتعالى بعبادةعظيمة القدر، عظيمة الأجر، فيها ليلة عظيمة شريفة، نزل فيها أشرف الملائكةعلى أشرف الخلق بأشرف كتاب: قال الله سبحانه وتعالى: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير منألف شهر، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلامٌ هي حتّى مطلع الفجر)
شهر رمضان، شهر القرآن، شهر الصيام: قال الله تعالى(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينّات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)
إنّ مقدار الأجر الذي قد يفوت الإنسان من ترك صيام هذا الشهر كبير ، ففي الحديث القدسي قال الله سبحانه وتعالى (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَاأَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِأَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْقَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍبِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ
رِيحِالْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا:إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ،وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).متفق عليه.
فيهذا الشهر يمن الله على عباده بأسر ألدّ أعدائه له، الشيطان، فيصبح العبدمقبلاً على طاعة ربه من غير صادٍّ يمنعه عن الخير غير النفس الأمّارةبالسوء، فإن زكّى هذه النفس فقد أفلح وأنجح، ومن أتبعها شهواته فقد خابوخسر. فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلم
إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ)رواه البخاري ومسلم.
ومعتسهيل الربّ عزّ وجلّ لنا سبل الطاعات، نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلميرغبّنا في الإكثار من الباقيات الصالحات بقوله وفعله، فكما ورد في صحيحالبخاري فيما يرويه عنه حبر هذه الأمة وابن عمّه: ابن عباس رضي الله عنهفيقول
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمأَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَيَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، واستغفر اللهانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْرَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ)
أخيالمسلم، يبعث الله في أول ليلة من هذا الشهر المبارك منادياً ينادي ويرشدإلى ما يحبّه الله ويرضاه كما جاء في الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيالله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
إِذَاكَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُوَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْمِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَابَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَابَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ . وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَكُلُّ لَيْلَةٍ)
ولايسعنا إلا أن نذكّر الأخوة أن الكرام أن أحد أبواب الجنة الثمانية قد خصهالله بالصائمين فقط لا يدخله غيرهم. فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي اللهعنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمقَالَ (فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ)رواه البخاري.
وأنهيهذه الكلمة بذكر ثلاث غنائم قد خصها الله تعالى لطائفة من الناس في هذاالشهر الكريم، هذه الطائفة قد بينّها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأحاديث ثلاثة متفقٌ على صحتها فقد رواها البخاري ومسلم في صحيحهما:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
وعنه أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
وأخيراً عنه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
فهذهالطائفة هي من صام أو قام رمضان أو قام ليلة القدر إيماناً بالله مخلصاًله العمل والنية، واحتساباً للأجر عند الله بهذا العمل. هذه الطائفة هيالتي تغنم بغفران ما سبق لها من المعاصي والذنوب في الماضي فيخرج المؤمنالمحتسب من رمضان كحال المولود الجديد في هذه الدنيا.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك